في الفرق بين الرَّسولِ والنَّبـِيِّ
السـؤال: قرأتُ في كتابٍ أنّ الرسولَ هو الذي أوحي إليه بشرعٍ ولم يؤمر بتبليغه، وقرأتُ في كتابٍ آخرَ أنّ هذا التعريفَ غيرُ صحيح؛ لأنّه لو كان صحيحًا لَمَا لام موسى هارونَ، فما هو الفرق بين الرسولِ والنَبِـيِّ؟
الجـواب:الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فإنّ لفظَ النبوَّة والرسالة مختلفان في أصل الوضع، فالنُّبُوَّةُ من النَّـبأ وهو الخبر، والنَّبيُّ في العُرف هو المنبَّأُ من جهة الله بأمرٍ يقتضي تكليفًا، فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمرَ اللهِ ليبلِّغه رسالةً من اللهِ إليه فهو رسولٌ، وعلى هذا فالرسولُ أخصُّ من النَّبي، فكلُّ رسولٍ نبيٌّ ولا عكسَ، لكن الرسالة أعمّ من جهة نفسها، والنبوَّة جزءٌ من الرسالة، فإنّ النبي والرسول اشتركَا في أمرٍ عامٍّ وهو النبأ، وافترقَا في الرسالة، فالرسالةُ تتضمَّن النبوَّةَ، فهو رسولٌ نبِـيٌّ، والنبوَّةُ لا تستلزمُ الرسالةَ، أي: لا يلزم من النبيِّ أن يكون رسولاً، فالرسالةُ أعمُّ من جهة نفسها وأخصُّ من جهة أهلها.
يهذا، والأنبياءُ والرسلُ أرسلهم اللهُ تعالى، كما جاء في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ﴾ [الحج: 52]، فالنبي مرسَلٌ، ولا يسمَّى رسولاً عند الإطلاق؛ لأنّه لم يرسل إلى قومٍ بما لا يعرفونه، وإنّما كان يأمر المؤمنين بما يعرفون أنّه الحقُّ بالشريعة التي قبله، أمّا من أرسل إلى من خالفَ أمرَ اللهِ ليبلِّغَهُ رسالةً من الله إليه فإنّ هذا هو الرسول المطلق الذي أمره بتبليغ رسالته إلى من خالف اللهَ سبحانه وتعالى(١- انظر: «النبوات» لابن تيمية: (255)، «شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز: (1/155)).
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.