المتنافسون في محبة رسول الله
في محكم التنزيل يقول رب العزة والجلال بسورة التوبة : ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وعشيرتكم، وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الكافرين ) .
وفي حديث صحيح برواية الامام البخاري رحمه الله، قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - : والله يا رسول الله لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه . فقال عمر : فأنت الآن – والله أحب إلى نفسي – فقال صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر )) .. ويقول علماء الحديث : أي الآن كمل إيمانك يا عمر )) .
وفي كتاب من مجلدين وضعه الشيخ سامي عاشور حسن بن عاشور بعنوان: «المتنافسون في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم» صور رائعة من المحبة والفداء قدمها الصحابة الكرام رضوان الله عليهم للرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ، وقد تمت طباعة الكتاب في جزءين بعد دمج الجزء الثالث بهما على نفقة الشيخ اسماعيل جمال حريري ، وقد جاء في المقدمة :
فهؤلاء الصحابة الكرام الذين أكرمهم الله تعالى وشرفهم بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، جاءت الأحاديث الشريفة لتؤكد بأنهم خير من عاش على الأرض بعد الأنبياء، وذلك بفضل صحبتهم ومحبتهم للرسول صلى الله عليه وسلم، وكان من أثر هذه الصحبة والمحبة أنها احتلت ووقعت مكان العقيدة في نفوسهم، رضي الله تعالى عنهم،فحملهم ذلك الحب الخالص على ترسم آثار محبوبهم صلى الله عليه وسلم، والتلذذ بحديثه الشريف، والوعي لكل ما يصدر عنه، حتى أصبح دم الصحابي منهم رخيصاً في سبيل أن يفدي به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يصل إليه شيء يكرهونه
.
وظهرت آثار محبتهم للرسول صلى الله عليه وسلم في العسر واليسر، والمنشط والمكره، فتسابقوا على حفظ كتاب الله تعالى وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار، وحفظوا سنته الشريفة، ودافعوا عنها، وتزاحموا على ماء وضوئه صلى الله عليه وسلم في اليوم الشديد البرد للتبرك به، وتقبلوا الآلام والصعاب بصدر رحب وإيمان راسخ لا تزعزعه الأحداث، مما دفعهم لترك أوطانهم وأهليهم، تاركين وراءهم متاع الدنيا، وما كان ذلك كله إلا حباً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم .
وهؤلاء الأنصار، أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يكونوا أقل حباً وتفانياً وتضحية للرسول صلى الله عليه وسلم من إخوانهم المهاجرين، فكافأهم الله سبحانه وتعالى على ما قدموه من نصرة وفداء بالنفس والمال والولد لرسوله صلى الله عليه وسلم، عندما جعل حبهم علامة الإيمان، وبغضهم علامة النفاق.
[size=21]صلى الله عليه وسلم
[/size]