مقدمة:
الزواج من أقدم النظم الاجتماعية التي عرفتها البشرية وقد حثت عليها جميع الأديان السماوية والأرضية والأعراف. ووضعت له التشريعات والقوانين لضمان قيامه على أسس قوية تضمن استمرار يته وصموده أمام تحديات ومشاكل الحياة.
الحياة الزوجية ما هي إلا نواة المجتمع الذي نعيش فيه، فمنه تتكون الأسرة، ومن الأسرة يتكون المجتمع، ومن المجتمعات تتكون الأمم، ومن الأمم يتكون الجنس البشري.
الإسلام وضع الأسس السليمة للزواج الذي ينبني على علاقة تسودها الألفة والمودة والرحمة وينعم فيها الزوجان والأطفال بحياة مستقرة مملوءة بالعطف والحنان.
"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة........" صدق الله العظيم.
الزواج ينظم العلاقة الثنائية على أساس تبادل الحقوق والواجبات والتعاون المخلص في جو تسوده المحبة والاحترام والتقدير المتبادل. ولكي يستقيم هذا الزواج، حض الإسلام على الاختيار السليم، فقد حض على اختيار الزوجة ذات الدين، وذات الخلق الطيب، والعقل الراجح، والمنبت الحسن. ذلك لأن الزوجة مسئولة عن تربية الأطفال، وعن صيانة بيت الزوجية من حفظ مال الزوج، وعرضه، وسره. وكذلك الحال من اختيار للزوج الذي يتقي الله، ذو الأخلاق الحميدة، القادر على القيام بواجبات الزواج، والذي يستطيع قيادة الأسرة في سلام. وطالب الإسلام الزوجين بحسن المعاشرة وخاصة من الزوج الذي اختصه الله بحق القوامة، أي الرئاسة والقيادة. وعلى الزوجة أن لا تنكر إحسان الزوج إليها، ومعاملته لها بالإحسان، لأن ذلك قد يدخلها النار كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه: "يكفرن العشير ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا، قالت ما رأيت منك شيئا قط."
وبالمقابل يوجد من الرجال من يسيء إلى زوجته ويضربها، ويحرمها من حقوقها لبغضه لها وعدم احتمالها.
فقد قالالله تعالى: "وعاشروهن بالمعروف." ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيرا." وطالب بالصبر عليهن لأنهن خلقن من ضلع أعوج يسهل كسره إذا حاولت أن تقيمه بالوعيد أو التأديب.
أعطى الله سبحانه وتعالى حق القوامة للرجل لأنه فضّل بتحكيم العقل والصبر وقوة التحمل ولقدرته على ضبط عواطفه والتحكم في انفعاله، وقابليته لمراجعة أحكامه وقراراته، خلافاً للمرأة التي تعرف بعاطفتها المرهفة وسرعة تأثرها وانفعالها، وتحكيم العاطفة، والتسرع في الأحكام واتخاذ القرار.
قال الله تعالى في كتابه العزيز:"الرجال قوامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم." وكذلك قوله: " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة.."
لذلك أستحق الرجل حق القوامة بتفضيله على المرأة للأسباب السابقة وكذلك لتكليفه على الإنفاق على الزوجة والأسرة دون المرأة. وأوجب الإسلام على الزوجة إطاعة زوجها إلا في معصية. وعلى الزوج عدم التعدي عليها إن فعلت لقوله تعالى. "فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا"
الأسباب الرئيسية للخلافات الزوجية
الأسباب كثيرة ومتنوعة وقد تبدأ صغيرة إلا أنها مع مرور الزمن قد تتفاقم وتتعقد. من أهمها:
1) سء الاختيار.
كأن يركز كل من الطرفين على مصلحة محددة أو صفة معينة كالمال أو الجمال والوضع الاجتماعي، وينسى أشياء مهمة كحسن الخلق والدين والمنبت الحسن. وكذلك عدم التقارب في العمر والمستوى الثقافي والاجتماعي والأفكار والمعايير الأخلاقية والأهداف. لأن تلك من الأسباب التي تصعب عملية التكيف والتأقلم في الزواج وتقود إلى الخلافات.
2) اختلاف كبير في نمط الشخصية.
كل إنسان له سمات شخصيته الخاص به وأسلوبه المتميز في أدراك وفهم بيئته وكذلك استجابته للمؤثرات الخارجية. وكذلك له أفكاره ومفاهيمه وقيمه ومعايير أخلاقه، و سلوكياته وعاداته الخاصة التي أكتسبها أثناء فترة نموه من أبويه ومعلميه وأقرانه ومجتمعه ومن خبراته الحياتية، سلبية كانت أم إيجابية.
فقبل الزواج يكون لدى كل من زوج وزوجة المستقبل أفكارهم ومفاهيمهم وتوقعاتهم الخاصة عن الزواج قد تكون مستقاة عن قراءاتهما ومشاهداتهما الخاصة أو تجارب أصدقائهما. وغالبا ما تكون هذه التوقعات وردية اللون وبها شيء من عدم الواقعية.
في الشهور الأولى من الزواج يكون الزوجان منشغلين بتبادل العواطف والاستمتاع يبعضهما البعض بعيداً عن واقع الحياة ومشاكلها. وكل منهما يحاول أن يبرز الجانب الإيجابي من شخصيته ويترك الانطباع الأحسن لدى شريكه.
ولكن بعد انقضاء شهور العسل، طالت أم قصرت، يتبدى كل على حقيقته للأخر. وكل يوم يظهر شيء جديد من أفكار ومفاهيم وسلوكيات وعادات وطباع الآخر قد لا تتلاءم مع طبيعة الأول. ولكن كلما كانت الفوارق بسيطة أولاً تؤثر على الطرف الأخر، كلما سهلت عملية التكيف والتأقلم مع بعض بطريقة إيجابية، وقلت الخلافات أو سهل إيجاد الحلول لها. ولكن كلما كانت الفوارق كبيرة وخاصة ما إذا كانت ذات تأثير سلبي على أحد الأطراف، كلما صعب التكيف أو نتج تكيف سلبي يؤدي إلى تضخيم المشاكل. فلكل إنسان إمكانية التكيف مع بيئته ومع ما يطرأ لهذه البيئة من تغيير. فالشخص الذي لديه القدرة على التكيف الإيجابي يستطيع أن يستقل آليات تدبير إيجابية وفعالة لكي يتعايش مع الوضع القائم بأقل آثار نفسية سلبية تؤثر على أدائه وعلاقاته.
التكيف السلبي ينعكس في الاستجابات الواعية وغير الواعية للشخص الأخر مثلاً في عملية التواصل بشقيه اللفظي والجسدي، وكذلك في الاستجابات العاطفية، وفي السلوك والمواقف وكلها مبنية على المفاهيم والاعتقادات السلبية المتكونة نتيجة للتكيف السلبي. وكثير من حالات سوء العلاقات الزوجية تكون نتيجة للتكيف السلبي المبني على قناعات مغلوطة أو عدم فهم للشريك.
الشخصية المضطربة أساساً لا تصلح لإقامة علاقة ودية وحميمة تتبادل فيها المشاعر والاحترام. كما أنه يصعب عليها التكيف. ولذلك أي زواج يكون طرف فيه مضطرب في الشخصية محتوم عليه بالفشل.
كما أنه توجد فوارق مهمة في الشخصيات التي تعتبر طبيعية أو غير مضطربة. وقد تكون هنالك بعض الصعوبات في التكيف بينها ويكون ذلك مدخلاً للخلافات.
3) خلل في أسلوب التعامل.
الأسلوب الأمثل في التعامل بين الزوجين هو "أسلوب المودة والرحمة" الذي دعا له الإسلام. هذا الأسلوب يؤمن حياة زوجية سعيدة ومستقرة. وهذه المودة والرحمة لابد وأن تكون متبادلة، لا يطالب بها طرف في الوقت الذي لا يتقيد هو به. ولن يحدث هذا إلا إذا كان هنالك توافق وتكيف كبير بين الزوجين، مع وجود احترام متبادل وثقة تامة، وتفهم لاحتياجات كل جانب ، واستيفاء كل طرف لواجباته وحصوله على حقوقه كاملة. مع الرغبة المتبادلة على تجنب الخلافات، أو العمل سريعاً لحلها بالحوار الهادئ والحلول الوسطية.
في هذا الجو يتربى الأطفال في جو صحي تسوده الألفة والمحبة، ويشبون على حبهم لوالديهم ولبعضهم البعض وفي استقرار كامل.
الأساليب الخاطئة في التعامل:
أسلوب التسلط والقسوة:
هذا الأسلوب في التعامل في الحياة الزوجية يؤدي إلى النفور والكراهية. فغالباً ما يكون في شكل إصدار أوامر للزوجة بأن تفعل أو لا تفعل كذا. فإن تقاعست أو حاولت الاحتجاج نالها السباب أو حتى الضرب. ومهما حاولت الزوجة إرضاء زوجها لا تجد منه إلا العبوس والجفاء. هذه المعاملة ليست لتقصير من الزوجة، بل وسيلة لإفهامها بأنه هو المسيطر وعليها الانصياع وإلا نالها ما نالها.
ولأن الزوجة هي الأضعف، فلها هي كذلك أسلوبها في إبداء سيطرتها في الحياة الزوجية، أو أسلوب ردها على زوجها إذا شعرت أنه لا يستجيب لرغباتها. فهنا تعمد إلى السلوك السلبي، مثلاً أن لا تلبي طلبات الزوج، حتى البسيطة منها، أو تتباطأ وتتلكأ في الاستجابة، أو تدعي النسيان. وقد تمنع نفسها عنه، أو لا تتجاوب معه. وأحياناً تجادله وتناكفه وتسخر منه.
وفي حالات ليست بالقليلة توجد الزوجة العنيفة المسيطرة على الزوج التي لا تتوقف عند استعمال سلاح لسانها فقط، بل تلجأ إلى استعمال كل ما تصل إليه يدها من أدوات منزلية.
كل هذه الأساليب التي يقصد بها السيطرة في الحياة الزوجية لها مردود سلبي على مستقبل العلاقة. فهي تزيد من الكراهية وتؤدي في النهاية إلى الانفصال.
أسلوب النبذ/ والإهمال:
بعض الأزواج يلجئون إلى طريقة أخرى سلبية ولكنها جد قاسية لعقاب الزوجة وحملها على الانصياع لهم وعدم مخالفتهم. الزوجة تكره تجاهل ونبذ أو إهمال الزوج لها. مشاعرها المرهفة وكرامتها تضطرانها للانصياع أو المعاملة بالمثل. فهنا تتضخم الأمور إلى ما لا نحمد عقباه.
أسلوب التدليل/ والحماية الزائدة:
أسلوب آخر يفسد الزوجة ويجعلها تنسى واجباتها الزوجية ويشجعها على عدم الاستقامة، لأن الزوج لا يبالي أو يقبل منها أي تبرير لسلوك شائن. والأدهى في الأمر أن سلوك هذا الزوج قد يجعلها تعتقد أن لا شخصية أو كرامة له. وأنه لا ينطبق مع صورة الزوج الذي كانت تحلم به، مثلاً الزوج الغيور، القوى والمهاب. وقد تفكر في أن تتركه لآخر تنطبق فيه تلك الصفات. أو فعلاً تدخل في علاقة عاطفية مع رجل آخر بدون أي اكتراث للزوج. فهنا يصحو الزوج وتدب الخلافات.
أسلوب الاعتماد والخضوع التام:
بعض الأزواج أو الزوجات الذين لديهم سمات" الشخصية الاعتمادية" يتركون عن طواعية مسؤولياتهم للطرف الأخر ليقرر وينفذ ما يريد، أو يوجهه كيفما شاء بدون إبداء أي تذمر، بل برضاء تام. فمن المؤكد أن المعتمد عليه أو المخضوع له قد يبتدئ في التذمر شيئاً فشيئاً من سلبية الشريك فتبدأ المشاكل.
4) خلل في أسلوب التواصل أو الحوار.
التواصل هو العملية التي تمكن من إرسال أو استقبال رسالة من شخص لآخر. وتجد وسيلتان لتحقيق ذلك وهما الأسلوب اللفظي وغير اللفظي. والقدرة على التواصل الجيد والفعال من أسباب النجاح في مجالات الحياة المختلفة ولذلك يسعى الكثيرون هذه الأيام على تطوير قدراتهم في التخاطب لتحقيق أهدافهم المستقبلية. وليوصل الشخص رسالة ذات معنى، يعتمد على الألفاظ، ومخارج الصوت، وتعبيرات الوجه، والإشارات باليد، وحركات الجسم والرأس، وذلك لإعطاء المعنى المقصود والسليم.
القدرة على التواصل الجيد مطلوب في الحياة الزوجية وسوء التواصل قد يؤدي إلى نتائج سيئة نتيجة لسوء الفهم أو عدمه. فكثير من الأزواج لا يستطيع التعبير عما يريد بأسلوب واضح ومحدد وباستعمال كلمات تعطي المعنى المقصود وبصوت هادئ غير منفعل، وباستعمال لغة مهذبة لا أثر فيها لنقد أو تهجم. ولذلك يكون استقبال الرسالة سلبياً وبدون أي تجاوب من الطرف الأخر.
ومشكلة أخرى في التخاطب أن يكون الطرف المتلقي لا يجيد الاستماع ويحكم على الطرف الأخر قبل أن يعطيه الفرصة الكاملة لتوضيح ما يريد بأن يعمد إلى المقاطعة فينتهي الاثنان إلى الشجار لعدم فهمهما لبعض.
وأسوأ حوار هو ذلك الذي يعمد فيه أحد الأطراف إلى خلط الأمور. وبدلاً عن التركيز في موضوع اللحظة يتوه الاثنان في مواضيع سابقة لم تحسم بعد ويؤدي ذلك إلى شجار جديد.
وعن ذكر اللغة المهذبة، نجد أن كثيراً من الأزواج والزوجات يفتقرون أليها. إذ ليس في قاموسهم كلمات أو عبارات مثل "شكرا، من فضلك، من إذنك، كتر خيرك، أو بارك الله فيك". ولا كلمات المجاملة أو المداعبة مثل "تبدين رائعة في هذا الثوب، عطرك جميل، شعرك...، بشرتك.."..أو تبادل المشاعر خارج غرفة النوم، لفظياً أو جسمانياً. لذلك تبدو الحياة الزوجية فقيرة بمشاعرها وجادة أو جافة أكثر من اللزوم. وهذا ما يجعل بعض الزوجات يعتقدن أن أزواجهن قد ملوهن أو انصرفوا عنهن لغيرهن، خاصة عندما يلاحظن أزواجهن يتعاملون مع السيدات الأخريات بكل تهذيب ولباقة، ويطرونهن بكلمات معسولة، في الوقت الذي لا يستعملون نفس الأسلوب معهن. وقد يحاولن اختبار الزوج عمليا، مثلا سؤاله عن رأيه في تصفيفة شعرهن، فيكون الرد محبطاً ومدخلاً لمشادة جديدة.
الحوار مطلوب في الحياة الزوجية وذلك لاتخاذ القرارات المهمة، أو إيجاد حلول للمشاكل. وبعض الزوجات لا يخترن الوقت المناسب، مثلاً عندما يكون الزوج في حالة نفسية جيدة وغير منشغل بالمطالعة أو متابعة برنامجه المفضّل في التلفاز، أو عندما يكون هنالك ما يشتت الانتباه، مثلاً ضوضاء الأطفال، أو عندما يكون مرهقاً يستعد للنوم. فسوء اختيار الزمان والمكان قد يأتي بنتائج عكسية. والأسلوب الجاف الغير مهذب والآمر عند تقديم طلب قد يستقبل بالرفض التام.
الحوار يتطلب من كلا الطرفين القدرة والصبر على الاستماع وعدم المقاطعة حتى ينتهي الطرف الأخر من طرح ما يريد. فكثيراً ما انتهى الحوار من نقطة البداية بالشجار، أو انسحاب طرف لخطأ من الطرف الأخر. ويا حبذا لو طلب أحد الطرفين مسبقاً من الأخر تحديد الوقت المناسب لمناقشة المواضيع الهامة، فقطعاً يكون الاثنان مستعدين وفي حالة نفسية جيدة للاستماع والاستجابة لبعضهما.
بعض الأزواج أو الزوجات لا يؤمنون بالحوار أو الحلول التوفيقية اقتناعاً منهم بصواب موقفهم وأن الحوار لا يجدي مع الطرف الآخر. فمثل هذا التصرف يقفل الباب أمام أي احتمال لحلول وبذلك تتراكم المشاكل إلى أن تأتي قاصمة الظهر التي تنهي الحياة الزوجية.
لابد للحوار في الحياة الزوجية بهدف الوصول لحل توافقي يرضي الطرفين. فبدون ذلك لا تستقيم الأمور ولا تهدأ النفوس ولا تستقر الحياة الزوجية.
5) الغيرة والشكوك الزائدة :
الغيرة مطلوبة في الحياة الزوجية من كلا الطرفين، كأن يغير الزوج من كل من يحاول خدش حياء، أو مس كرامة الزوجة بالقول أو الفعل. ولكن يجب أن يكون ذلك باعتدال، لأن المبالغة في الغيرة يقود إلى الشك في إخلاص الشريك بدون أي دليل مادي، و هذا الشك قد يصل إلى درجة " الشك المرضي" عندما يكون هناك يقين تام بخيانة الطرف الأخر فيعمد المتشكك إلى تتبع وملاحقة الآخر ويتجسس عليه عسى أن يجد الدليل، فإن لم يجد كال الاتهامات الغير مسنودة بدليل وقد يلح على الطرف المشكوك فيه للإقرار بالخيانة، وإن لم يفعل لجأ إلى أساليب العنف اللفظي أو الجسدي لحمل الآخر على قول الحقيقة.
كذلك فن عدم الغيرة الكامل من طرف الزوج أمر منهي عنه، مثلاً أن لا يأبه الزوج إذا ما تعرضت زوجته لمضايقات أو تعمد أحد أن يخدش حياءها لفظاً أو عملاً. أو تعرض لسمعتها أو طلب منها طلباً أو راودها عن نفسها تحت سمعه وبصره أو شجعها على التعرف أكثر على شخص معين أو حضها على الرذيلة. كل هذه الأشياء منهي عنها، وإن لم يقف الزوج عند حده فيجب مفارقته. فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يدخلون الجنة ومنهم الرجل" الديوث"، وهو من يعلم بأن زوجته تقترف الفاحشة فلا يفعل شيئا، بل يشجع عليها.
الغيرة الزائدة من أسباب العنف في الحياة الزوجية، أو تؤدي إلى الانفصال أو الطلاق. ولذلك يجب تجنبها بأن لا يعطي أي طرف الفرصة للآخر لكي يشك وذلك بالانضباط في العلاقات الخارجية وعدم التمادي في المزاح ورفع الكلفة للآخر مع الجنس الأخر، والصراحة التامة مع الزوجة في مع من كان، وأين، وما حدث. بل يطلب منها مرافقته إن كانت الظروف تسمح بذلك، لأن في ذلك طمأنة لها على حسن نواياه.
وعلى الزوجة أن لا تتبسط أكثر من اللزوم مع الغرباء. وأن تحتشم في لبسها وتصرفاتها وألفاظها وهى تتحدث إليهم, وأن تكون صريحة مع الزوج عندما يسألها مع من كانت وعن أي شيء تحدثت، ولا تبادر باتهامه بأنه يشك في إخلاصها و في عفتها.
المعروف أن الزوجة أو الزوج الخائن يتصرف دائما بحرص شديد، ويحسب الخطوات جيداً لكي لا يثير شكوك الشريك أو الآخرين فيه. ولا يبدي من تصرفات ما يثير شك أو ريبة الآخرين
6) المشاكل المادية:
المادة من الأشياء التي تسبب الخلافات وتعصف بالزواج وذلك لأسباب كثيرة منها طبيعة في المرأة فكثير من الزوجات يتهمن أزواجهن بالتقصير في شؤونهن وعدم الصرف عليهن مثل بقية الأزواج في الوقت الذي يكون فيه العكس تماماً. ذلك يقود الزوج إلى الإحساس بالمرارة والغبن ولا ينفع منه تذكيره لها بما اشتراه لها من حلية وملابس، وما أعطاها من مال. فالاتهام قائم إلى أن يرث الله الأرض وما فيها.
ولقد ذكرّنا الرسول محمد سيد الأنبياء بذلك في الحديث النبوي الشريف بعد أن أطلع في النار ورأى أكثر أهلها النساء.
"يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى أحداهن الدهر ورأت منك شيئا قالت: "ما رأيت منك خيراً قط."
والحقيقة أن ليس كل الزوجات يتصفن بهذه الصفة فكثير منهن يعترفن بفضل أزواجهن عليهن وإن لم يجاهرن بذلك. حبذا لو شكرت الزوجة زوجها على كل سانحة منه وذكرت له هذا الفضل. ذلك يدفعه للمزيد من العطاء ولقرب وقوى أواصر المحبة بينهما.
كثير من الزوجات لا يعرفن دخل أزواجهن ولا أوجه صرفهم أو أعباؤهم المالية. لذلك يتصورن أنه يقتر عليهن في الوقت الذي هو يكافح في تدبير شؤون الأسرة، ويلجأ إلى الاقتراض ليفي بالتزاماته. فلو أوضح لها كل شيء من البداية لكانت أكثر تفهماً له ولكفّت عن اتهامه بالتقصير.
التقتير في الإنفاق على الأسرة من جانب الزوج بادعاء العوز وضآلة الدخل في الوقت الذي يقوم فيه بالصرف الباذخ على نفسه وأصدقائه أو في أمور غير مهمة، يؤدى دوما إلى النزاع والخلافات. كذلك قد تجد بعض الزوجات اللائي لا يضعن أي اعتبار لمسؤولية الزوج تجاه والديه وأخوته وأخواته غير المتزوجات والمطلقات الذين يكونون في أمس الحاجة لمساعدته المادية فيتهمن الزوج بتفضيل والديه عليها وأبنائها والصرف ببذخ عليهم. وقد تطالبه بفعل نفس الشيء تجاه أسرتها في الوقت الذي لا يعتبر هو فيه مسئولا عن ذلك، وقد لا تكون عائلتها في حاجة لمساعدته ولكن هي الغيرة التي يكون نتيجتها كثير من الخلافات والمشاحنات.
7 ) الزوجة العاملة:
خروج الزوجة للعمل فيه إسهام كبير من المرأة في خدمة مجتمعها. فالزوجة نصف المجتمع ومساهمتها في العمل يساعد على تطوير المجتمع وتحسين وضع الأسرة الاقتصادي إذا ما وفقت بين عملها ومسؤولياتها الأسرية. فخروج الزوجة للعمل ليس القصد منه مليء الفراغ والاستغلال المادي كما تظن بعض الزوجات، بل القصد منه دعم الزوج وتخفيف العبء عليه.
لكون الإنفاق على الأسرة واجب على الزوج، بعض الزوجات يعتقدن أن ما يكسبن من مال هو خاص يهن وعلى الزوج أن يواصل الإنفاق عليهن وعلى متطلباتهن، ويشكون مر الشكوى لتوقف الزوج عن شراء متطلباتهن كما كان يحدث سابقاً، ويعمدن إلى مطالبته بأي فلس صرفنه على مشتريات المنزل، أي لا يبدين أي استعداد للمساهمة ولو بالنزر القليل. فهنا تبدأ المشاكل عندما يرى الزوج أن خروج زوجته للعمل لم يخفف عليه شيئا، بل زاد من أعبائه كالاضطرار إلى الاستعانة بشغّالة تكلفه الكثير، أو الاضطرار لتقبل بعض التقصير من جانب الزوجة تجاه شؤون البيت والأطفال. ومن ناحية أخرى يكتشف أن شعور الزوجة باستغلالها المادي يجعلها تتمرد عليه وتتحداه ولا تستجيب لطلباته.
من جانب آخر تجد بعض الأزواج يضطرون الزوجة على التخلي عن جزء كبير من دخلها أو في بعض الأحيان مجمل راتبها ليتصرف هو به كما يشاء، وان لم تفعل هدد بمنعها عن الخروج للعمل. هذا العمل لا أخلاقي بالمرة لأن أي مساهمة يجب أن تكون طوعية وبدون أي قسر.
بعض الزوجات يتطوعن بترك أجورهن في حساب مشترك بالبنك ويقوم الطرفان بالسحب على أسس متفق عليها مسبقاً وهذا يعتبر قمة الثقة والتعاون والإخلاص.
العلاقة مع أفراد الأسرة الممتدة:
أسرة الزوجين الممتدة يصعب تهميشها في عالمنا الشرقي، وعلى الزوجين وضع حساب لذلك وخاصة من جانب الزوجة. فالزوج لا يمكنه الابتعاد عن أسرته مهما حدث من أفرادها، ولا يمكنه مقاطعة فرد فقط لأن الزوجة لا تطيقه. ودائماً يقود سوء الفهم الزوجة أن تتخذ موقفاً من أحد أفراد أسرة الزوج، مثلاً أحد والديه أو أخوته وتتوقع من الزوج أن يجاريها في ذلك. فكثير من الزوجات يعتقدن أن أهل الزوج لا يريدون لهن الخير أو الاستقرار، بل يضمرون لهم الشر، وكل همهم أن يستغلوا زوجها ويشاركونها في دخله ووقته. ولذلك تجد الزوجة تشكو مر الشكوى من أن زوجها يقف ضدها مع أهله وتتهمه بالتخلي عنها. وهنا تبدأ المشاكل التي قد تنتهي بالطلاق أحياناً.
تحسباً للمشاكل يجدر بالزوجة أن تقلل من الاحتكاك بمن لا ترتاح أو تنسجم معه من أهل الزوج وأن تحاول قدر المستطاع أن تبقى على علاقة ودية ولو متباعدة درأ للمشاكل. لأن المواجهة والعداء السافر قد يضطران الزوج إظهار امتعاضه من ذلك المسلك، خاصة لو كان يعتقد أن قريبه لم يتعد الحدود وأن الزوجة تسيء فهمه.
وشيء آخر قد يبدو للزوج أن الزوجة تفرق في معاملتها بين والديه ووالديها. ففي الوقت الذي يبدي هو فيه كل احترام وتقدير وترحيب لوالديها، يشعر أنها لا ترحب بوالديه وتظهر لهما بعض الجفاء عند زيارتهما أو لا تتحمس كثيراً لزيارتهما عندما يطلب منها ذلك. فيؤلمه ذلك التصرف خاصة إذا ما اشتكى الوالدان وتيقن هو من ذلك. وكم زيجة انفضت بسبب التعامل مع أهل الزوج، ويحسن بالزوجة أن تترك للزوج فرصة التأكد من شكواها قبل أن تبادر باتخاذ موقف لا تستطيع معه الرجوع.
9) التعامل مع الأطفال:
قد يكون مفهوم تربية الأطفال مختلف بين الزوج والزوجة. و قد يريد الأب أن يكون حازما مع الأطفال بعض الأحيان فيعمد إلى تعنيفهم أو ضربهم. فهنا تتدخل الأم فارضة حمايتها ومؤنبة الزوج على فعلته تلك أمام كل الأطفال، وتأخذ المعنى في أحضانها وهى تحتج في غضب. هنا يثور الزوج ويصب جام غضبه على الزوجة التي تبدأ البكاء وتتهم الزوج بأنه يكرهها ويكره أطفالها.
هذا سيناريو يكرر نفسه كثيراً ويسيء للزوج أمام الأطفال الذين قد يصدقون فعلاً أن والدهم يكرههم وأن والدتهم فقط هي التي تحبهم.
ومثل آخر بأن يرتكب أحد الأطفال خطأ، أو يسلك سلوكاً غير مرغوب فيه فتتجاهل الزوجة ذلك، فيغتاظ الزوج ويبادر إلى انتقاد الزوجة بكلام جارح ويتهمها بتدليع الأطفال وإفسادهم. هنا تثور ثائرة الزوجة لأهانتها أمام الأطفال..... والبقية معروفة.
لذلك يكون أسلوب التعامل مع الأطفال هو سبب المشاكل. فلو اتفق الزوجان مسبقا على الطريقة السليمة في تربية الأطفال لانتفت الخلافات وحل محلها الوئام.
مهما يكن الأمر فيجب أن لا تتدخل الأم عندما يحاول الأب إرسال رسالة إلى أحد الأطفال، عليها أن تساند زوجها وأن تطلب من الطفل الاستجابة لأبيه فوراً. وبعدها تأخذ الابن جانباً وبعد أن تهدئه تحاول أن تفهمه غلطه، وأن تؤكد له أن والده يحبه ويريد أن يراه يتصرف كما يتصرف الأطفال الأذكياء المحبوبين.
ويمكن للزوجة عندما يهدأ الزوج أن تناقشه في الأمر إذا ما رأت أن غلط الطفل لا يتطلب كل ذلك التصرف منه. بدون أن تثيره مجدداً.
أما في حالة الزوج فكان الأجدر به أن ينتظر إلى أن يخلو بالزوجة ويطلب منها بهدوء أن لا تقف موقفاً سلبياً عندما يخطى الطفل، بل يجب أن تتدخل وتوقفه عند حده بأسلوب حازم، وتعلمه أن الأطفال الأذكياء المحبوبين من والديهم يتصرفون بطريقة لائقة. ذلك مدعاة له أن يتصرف جيدا مستقبلاً.
بعض الأحيان تقحم الزوجة الأطفال عندما تكون لديها مشاكل مع زوجها فبعد كل شجار حتى في حالة كونها المتسببة فيه، تذهب إلى الأطفال باكية مدعية أن والدهم يسيء معاملتها ويضربها ويشتمها. وتؤكد لهم انه يكرهها ويكرههم أيضاً ولولا حرصها عليهم وعلى سلامتهم لتركت المنزل. ونتيجة لهذا المشهد الدرامي ينفعل الأطفال ويشعرون بالغبن ناحية والدهم وقد يتولد لديهم شعور بالكراهية نحوه لتصديقهم لوالدتهم. الأب غالباً ما يشعر بنفور الأطفال منه بالرغم من معاملته الحسنة وحبه لهم ويعرف أن الزوجة هي المتسببة في ذلك ولكنه في موقف ضعيف إذ أن الزوجة مستأثرة بالأطفال وهو في موضع لا يسمح له بتوضيح ما يحدث بينه ووالدتهم والنتيجة مزيد من تدهور العلاقة بين الزوجين.
10) الضغوط والاضطرابات النفسية:
قد يكون أحد الزوجين يمر بظروف نفسية سيئة نتيجة لضغوط خارجية في العمل، أو ظروف مالية طارئة لا يعلم بها الطرف الأخر، أو لمرض عضوي أو نفسي. وقد تنعكس حالته النفسية على العلاقة الزوجية ويعتقد الشريك خطأ أن هناك تغيير في المشاعر تجاهه فيبدأ بالشكوى والإلحاح لكي يعرف ما حدث منه ليستحق تلك المعاملة. فإن لم يكن الطرف الذي يعانى صريحاً في الكشف عما يحدث له، لتفاقم الأمر إلى ما لا يحمد عقباه.
تعاطي الزوج لمخدر أو كحول بعد تعرّفه لرفقة سوء حديثاً قد يؤدى إلى تغيير مفاجئي في سلوكه وتدهور في صحته وإهمال لمسؤولياته. وهنا يدب الشقاق بين الزوجين وقد يقضي ذلك على العلاقة الزوجية.